"البقية فى حياتك" "البقاء للة" "شدحيلك"تمتم بتلك الكلمات التقليدية التى تحمل واقع المجاملة التقليدية اكثر ما تحمل التعاطف او العزاء الحقيقى و هو يسلم بسرعة على صف عائلة صديقة الاقرب اللى وضح عليهم الذهول و الحزن على قريبهم الشاب اللى توفى فجاءة
دخل بسرعة ليلمح قاعة نصف ممتلئة بناس اما جاءوا لمجاملة اقارب صديقة القليلين او زملاء صديقة الراحل فى العمل اللى جاءوا ليعزوا زميلهم السابق و قلة من الشلة القديمة اللى ربما لم يعرف اغلب افرادها بالخبر او ربما عرف البعض و لم يهتم او انشغل بداعى العمل او السفر
"بسم الله الرحمن الرحيم عم يتساءلون عن النبأ العظيم"استمع للمقرىء و هو يتلوا اولى ايات سورة النبأ و فجاءة هاجمة هاجس غريب لماذا اندهش الجميع لوفاة من جاء يعزى فية؟هل لانة مات شابا؟او ليس الموت هو الحقيقة الوحيدة اللى اتفق عليها كل البشر و اتفقوا على انة ليس مرتبطا بصحة او بعمر او باى سوابق او اشارات؟استعاد فى لمح البشر صورة صديقة و مواقفهم سويا و احس وقتها ان موت صديقة فى سن الشباب امرا شديد الطبيعية فصديقة كان يحمل كم من المتناقضات التى يصعب ان تقبل طبيعة الحياة فى كوكبنا وجودة
صديقة اللى كان يقضى نهارة فى وظيفتة الرصينة شديدة الجدية ينفعل على اى خطأ يرتكبة اى من مرؤوسية و يقضى ليلة يقرأ فى مظاهر العصر الملكى فى مصر او يدخل فى مهاترات لا اخر لها على موقع نادية الكروى المفضل مع غيرة من المشجعين المتحمسين
صديقة اللى كان يتسكع احيانا فى قهاوى وسط البلد شديدة البساطة فى مظهرها التى تصل الى حد الفقر اياما و تجدة يتناول عشائة فى مطاعم الخمسة نجوم فى ليالى اخرى
صديقة اللى احيانا تجدة يذوب وسط مجموعة البشر حتى تشعر انة لا يمكنة ان يعيش وحيدا فى اوقات و فجاءة وفى احيانا اخرى تجدة يصنع عالما خاصا بة فى غرفتة يغلقها علية و يرفض ان يتركها بالساعات
صديقة اللى حلم بدخول معهد السينما و رغب فى دخول سياسة و اقتصاد و انتهى بة الحال خريجا لكلية صيدلة
صديقة اللى قضى خمس سنين فى دراسة علمية شديدة الصعوبة انهاها بما يشبة المعجزة و قرر ان يحول مسار حياتة تماما و يغير المجال اللى اختارة لدراساتة العليا فى تناقض رهيب
صديقة الجاد المظهر الخجول اللذى لم يتخيل احد انة يمتلك قلبا رومانسيا يعشق بجنون و يتألم فى صمت
صديقة اللى قضى عمرة يحب و ينتظر ان يجد من يحبة و مات دون ان يجدة
صديقة اللى بحث طويلا عن من يشاركة ضعفة و وحدتة و الامة و هرب طوال الوقت من الارتباط و فضل ان يسجن نفسة فى ذاتية على ان يظلم نفسة بعلاقة فاشلة
صديقة اللى طالما كان وفى لكل من يعرفة و كان يسعى لتلبية نداء كل من يعرفة مهما كانت سطحية علاقتة بة و مهما كان حجم ما يطلبة منة الاخر و الان ها هو يموت وحدة دون ان يجد من يحضر عزائة
صديقة اللى كان يخاف من ربة و يتجنب الحرام فى حياتة بقدر ما استطاع و يفضل ان يظلم(بضم الياء)على ان يظلم(بفتحها) و مع ذلك كان شديد الاهمال فى اداء عباداتة الدينية و ربما يكون يعذب الان على تركة لصلاتة و اهمالة فيها
هل كانت الحياة تحتمل وجود شخص بكل تلك المتناقضات و الغرائب بداخلة؟هل كان من الطبيعى ان يعيش شخص يحمل بداخلة الصفة و عكسها و يستقيم وجودة مؤكد ان كل من صدم فى وفاة صديقة لم يكن يعرفة جيدا او ربما لم يكن يعرفة ابدا لانة لو عرفة لتأكد ان وجود شخص بتلك المواصفات كان شيئا لم تكن تتحملة الحياة المضطربة الغريبة التى نخياها التى تريد من يتعايش معها و صديقة حاول باستماتة ان يفرض اسلوبة الشخصى على حياتة فى محاولة عبثية لتحدى القدر و مقاومتة
"صدق الله العظيم.... الفاااتحة"لكزة احد الاصدقاء النادرين الحاضرين فى كتفة(هااة انت قاعد لامتى العزا خلص)اعاد كرة السلامات و الهمهمات وهو يسلم خارجا و قال لة صديقة وهو مودعا
"البقية فى حياتك الواحد لسة مفاقش من الصدمة" رد علية"لو كنت عرفتة زى كنت عرفت انة ابن موت"ودع الصديقان بعضهما بكلمة واحدة"الله يرحمك يا سامح" ومضى كلا فى طريقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق